عدد المساهمات : 23 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 28/07/2009
موضوع: السلفية منهج ملزم لكل مسلم 3/ 4 الأربعاء يوليو 29, 2009 4:54 am
وجوب اتباع الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة والأدلة عليه
الهداية هدايتان: هداية إلى الطريق، والهداية إلى الطريق هو طريق الإسلام دون طرق الكفر، ثم هداية في الطريق تحميك من الانحراف في السبل التي يقف على رأس كل سبيل منها شيطان يدعو إليه، وهو ما نسميه بالفرق النارية، وكذلك هداية تحميك من الدجاجلة الذين يقفون على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها. إذاً: وقف الإسلام وقف عام يشمل كل من دخل في الإسلام، وهم من نسميهم بأهل القبلة، ثم نحن في حاجة إلى وقف آخر مع وقف الإسلام، فلا يمكن للإنسان أن ينال النجاة إلا بالحق الواضح، بأن يكون أولاً مسلماً ثم يكون من أهل السنة والجماعة أو من السلفيين أو من الفرقة الناجية أو الطائفة المنصورة أو أهل الحديث أو من الجماعة أو من السنة أو غير ذلك من الأوصاف، فهذه الألقاب كلها تشير إلى منهج متميز هو الأخذ بالكتاب والسنة بفهم السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم، وهم الصحابة ومن تبعهم بإحسان. إذاً: لا بد من الاهتمام بنقطة الابتداء، الإنسان عندما يختار طريقاً لا بد أن يكون على بصيرة في اختيار هذا الطريق؛ لأنه إذا أخطأ الطريق منذ البداية فسينفق ردحاً من حياته يتجول ويتلون مع الفرق الضالة، والقاعدة تقول: (إن فساد الانتهاء من فساد الابتداء) ولذلك قالوا: إن من سعادة الحدث والأعجمي إذا أسلم أن يقيض الله له رجلاً من أهل السنة يعلمه السنة ويحمله عليها؛ لأنه بهذا سلم من كثير من العناء، فلو أن رجلاً نصرانياً أسلم على يد شيعي فكم من الجهد والوقت سوف يضيع منه في تعلم مذهب باطل ضال، ثم إذا أراد الله رحمته قيض له من أهل السنة من ينقذه، أيضاً يقول بعض السلف: من سعادة الشاب إذا نسك أن يواخي صاحب سنة يحمله عليها، وهذا كله إشارة إلى أن فساد الانتهاء من فساد الابتداء. دعا بعض الناس فقال: اللهم توفني على الإسلام فقال له عالم: والسنة، أي: اللهم توفني على الكتاب والسنة، وهذا إشارة إلى المعنى الذي سنذكره بأن الإسلام وقف عام، أما السنة فهي وقف خاص، يعني: كأن دائرة أهل القبلة داخلها طوائف شتى، فهي بضع وسبعون دائرة كلها في النار إلا واحدة، وهي الفرقة الناجية التي سوف نبين شأنها. إذاً: يجب اتباع الكتاب والسنة بفهم الصحابة رضي الله تعالى عنهم وسلف الأمة، فإن كل فرقة ضالة تدعي الكتاب والسنة سواء الخوارج والشيعة وغيرهم، وهكذا عامة الفرق الضالة تتفاخر باتباع الكتاب والسنة، لكن إذا أردت الامتحان والتمييز والتمحيص قل لهم: اتباع الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى ورضي عنهم، فهم لا يلتزمون بهذا الضابط وهذا القيد وهو: بفهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى؛ لأن هذا الضابط هو الذي يسد على الأمة منافذ الانحراف، هل هذا الضابط أتى بدون بينة وبدون دليل؟ كلا، بل هناك كثير من الأدلة عليه، منها: قوله تبارك وتعالى: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:6-7] فرض علينا ربنا أن ندعوه بهذا الدعاء على الأقل سبع عشرة مرة في اليوم والليلة، (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) ثم بين هذا الصراط أنه (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) وقد بينهم في آية أخرى: فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ [النساء:69]. إذاً: من هم الذين أنعم الله سبحانه وتعالى عليهم؟ هم المسلمون أهل السنة والجماعة، يقول تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110]، ويقول أيضاً: فَإِنْ آمَنُوا بمثل [البقرة:137] والسياق في اليهود والنصارى من أهل الكتاب، وتأملوا كلمة (بمثل) فهذه هي السلفية، انظر إلى هذه المثلية فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا [البقرة:137] لا هداية إلا بأن تؤمن بمثل ما آمن به الصحابة فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ [البقرة:137] ولحكمة بالغة لم يقل الله تبارك وتعالى: فإن آمنوا بمثل ما آمنت به يا محمد، وهذا فيه إشارة إلى صحة إيمان الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ويقول تبارك وتعالى في شأن الصحابة أيضاً: فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا [الفتح:26]، ولم يقل تبارك وتعالى: وألزمه كلمة التقوى وإنما قال: (وألزمهم كلمة التقوى)، وهذه شهادة من الله عز وجل للصحابة رضي الله تعالى عنهم بأنهم هم أهل التوحيد والجماعة. (وكانوا أحق بها) يعني: كانوا أحق من حملها، وأهلاً لتطبيقها؛ وقد شهد الله سبحانه وتعالى لهم بالفوز، فيقول تبارك وتعالى: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء:115] ما هو سبيل المؤمنين؟ قطعاً هو سبيل أفضل أمة على الإطلاق، وهي أمة الصحابة؛ لأن الصحابة أفضل البشر بعد الأنبياء، أفضل أمة بعث فيهم نبي هم الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم أجمعين (ويتبع غير سبيل المؤمنين) يعني: غير سبيل الصحابة. ويقول تعالى: وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ َّ [لقمان:15] والصحابة بلا شك هم أعظم من أناب إلى الله سبحانه وتعالى بعد الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام. ويقول تبارك وتعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة:100] تأملوا هذه الآية: يحينما ذكر الله عز وجل المهاجرين والأنصار لم يقيد حالهم بالإحسان؛ لأنهم محسنون بطبيعة الحال، أما كل من أتى بعدهم فاشترط فيه أن يكون تابعاً لهم بإحسان، ولم يشترطه في الصحابة، وهذا فيه إشارة إلى أنهم بطبيعة الحال محسنون رضي الله تعالى عنهم أجمعين. بل إن منهج السلف والصحابة رضي الله تعالى عنهم والاقتداء بهم مما أثنى الله سبحانه وتعالى به على عباد الرحمن، ففي صفات عباد الرحمن -في آخر سورة الفرقان- يقول تعالى حاكياً لنا دعاء عباد الرحمن: وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا [الفرقان:74] ومعنى هذه الآية كما فسرها العلماء: اجعلنا نقتدي بمن سبقنا فنصلح لأن يقتدي بنا من بعدنا، هذا خلاصة الكلام في تفسير هذه الآية، فلا يصير الإنسان إماماً إلا إذا ائتم بالسلف الصالح رضي الله تعالى عنهم أجمعين. ثم الله تعالى حكى عنهم قولهم: (وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) ولم يقل (واجعلنا للمتقين أئمة)؛ لأن طريق المتقين واحد، ومعبودهم واحد، وكتابهم واحد، ونبيهم واحد، فكأنهم إمام واحد لمن بعدهم لا كالأئمة المختلفين، وقال مجاهد : اجعلنا مؤتمين بالمتقين مهتدين بهم، فلا يكون الرجل إماماً حتى يأتم بالمتقين وهم السلف، ومن ائتم بأهل السنة قبله ائتم به من بعده ومن معه. إذاً: يجب الائتمام بالمنهج الذي كانوا عليه، والإمام في الحقيقة هو منهج النبي صلى الله عليه وآله وصحبه أجمعين، ويدل على ذلك عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم للصحابة (صلوا كما رأيتموني أصلي) وفي الرواية الأخرى: (صلوا كما تروني، وليأتم بكم من بعدكم) فعموم قوله (وليأتم بكم من بعدكم) لا يقتصر على أحوال الصلاة، وإنما يتعدى إلى كل أمور الدين الأخرى؛ لأن الصحابة هم الذين حملوا إلينا هذا الدين. ومن الأدلة أيضاً: أن الله سبحانه وتعالى قص علينا قول الكافرين للصحابة: لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ [الأحقاف:11] أي: لو كان الإسلام حقاً وخيراً ما سبقنا إليه هؤلاء الضعفاء والفقراء، وعلق ابن كثير على هذه المقولة بقوله: أما نحن أهل السنة والجماعة فإننا نرى السلف الصالح رحمهم الله تعالى أولى الناس بكل خير، ونحن لا نقول كما قال هؤلاء: (لو كان خيراً ما سبقونا إليه)، ولكننا نقول في أي شيء لم يفعله الصحابة رضي الله تعالى عنهم: لو كان خيراً لسبقونا إليه، فهم أولى الناس بكل خير. أيضاً في الحديث الصحيح في افتراق الأمة يقول عليه الصلاة والسلام: (افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة)، وفي رواية: (قيل: ومن هي يا رسول الله؟! قال: هي الجماعة) ومن ألقاب أهل السنة: الجماعة، وفي رواية أخرى: قال: (ما أنا عليه اليوم وأصحابي)فلا شك أن هذا الحديث من النصوص الواضحة الدلالة جداً على هذا الضابط، وأنه لا بد من هذا القيد: (الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح رحمهم الله تعالى ورضي عنهم)، وأنه لا بد أن ينضم إلى اتصافك بالإسلام اتصافك بأن تكون من الفرقة الناجية، وإلا كنت من هذه الفرق النارية أيضاً. ......
ابو صهيب السلفى
عدد المساهمات : 23 السٌّمعَة : 0 تاريخ التسجيل : 28/07/2009
موضوع: السلفية منهج ملزم لكل مسلم 3- 4 الأربعاء يوليو 29, 2009 4:58 am
المتبعون للكتاب والسنة على منهج السلف هم الفرقة الناجية
من ألقاب الجماعة: الفرقة المنصورة أو الطائفة المنصورة كما قال عليه الصلاة والسلام: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك) وهم الطائفة المنصورة إلى يوم الدين، وقد توارد كلام أئمة العلم في أن المقصود بهم أهل الحديث، وهنا نقطة مهمة جداً وهي: أن أهل الحديث هم أولى الناس بمعرفة ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وسنزيد ذلك بياناً إن شاء الله تعالى. أيضاً قال صلى الله عليه وسلم: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم) وفي بعض الروايات زيادة: (ثم الذين يلونه) فدخل فيها القرن الرابع كما سنبين إن شاء الله تبارك وتعالى، وقال عز وجل: فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الأعراف:157] فهذا فيه ثناء ومدح للصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين. والنصوص الواردة في تزكية الصحابة رضي الله تعالى عنهم أجمعين كثيرة جداً، وهذا باب واسع يحتمل كلاماً أوسع من هذا، لكن نقتصر في آخر هذه الجزئية على قول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (إن الله نظر في قلوب العباد، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوه سيئاً فهو عند الله سيء). وخلاصة الكلام في هذه القضية: أنه كما أن الإسلام قاض وحاكم ومهيمن على سائر الأديان فإن منهج الصحابة رضي الله تعالى عنهم قاض ومهيمن وحاكم على فرق الإسلام، وكما أن الإسلام وسط بين الأديان فإن أهل السنة هم الوسط بين الفرق الإسلامية، والنجاة: هي بالاقتداء بالصحابة في كل أمور الدين، ابتداء بأعلى شعب الإيمان (لا إله إلا الله) وانتهاء إلى إماطة الأذاء عن الطريق.
افتراق الأمة
سبب الخلاف الموجود في الأمة
الاقتصار على حسن النية في التمسك بطريق، بدون أن يكون الإنسان واثقاً من أن طريقه هو طريق الفرقة الناجية، هذا من تلبيس الشيطان، وكل الفرق الموجودة الآن متفقون على أمرين، ومختلفون على أمر واحد، متفقون على حسن النية والغاية وهي: أن ينصروا الإسلام، ولكنهم مختلفون في الطريق التي توصل إلى نصرة هذا الدين؛ فحري بنا أن نتبصر وأن نعي الطريق الذي نسلكه، خاصة أنه مما يحير الإنسان أنهم جميعاً يرفعون شعار الكتاب والسنة، فلماذا الاختلاف؟! والجواب واضح مما تقدم من الكلام على الانحراف في باب المنهج أو العقيدة أو الأصول، وقد كان الانحراف يعامل بمنتهى الشدة من النبي صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح، مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يلين مع أهل المعاصي كقصة الشاب الذي استأذنه في الزنا، وكذلك قصة الرجل الذي قبل المرأة ونال منها دون فرجها ثم سأل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنزل قوله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ [هود:114] وكذلك أيضاً قصة أبي محجن الثقفي ، والمواقف الشرعية مع أهل المعاصي فيها لين ورفق. أما أهل البدع فقد اشتد عليهم موقف النبي صلى الله عليه وسلم، وأدل دليل على ذلك هو هذا الحديث الذي ذكرنا آنفاً: (كلها في النار إلا واحدة). وكذلك قصة الرهط الثلاثة الذين قال النبي عليه السلام في شأنهم: (فمن رغب عني سنتي فليس مني) فهذا منتهى الشدة. وكذلك شدته على الذين أصروا على الوصال في الصيام، ولو سكتنا عن الانحراف في قضايا الأصول والعقيدة للزم من ذلك أن نخطئ علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه عندما قتل الخوارج. إذاً: ينبغي أن نستحضر -ونحن نطرق هذا البحث وهذا السبيل- أننا نريد النجاة لأنفسنا، لا تؤملوا أن يرضى الناس عنكم؛ لأن إرضاء الناس غاية لا تدرك، وإرضاء الله سبحانه وتعالى ينبغي أن يكون هو الهدف الوحيد؛ لأن إرضاء الله مقدور ومأمور، وإرضاء الناس ليس بمقدور ولا مأمور، إرضاء الله سبحانه وتعالى داخل في قدرة العبد؛ لأن الله يقول:لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] وكما أنه مقدور فهو مأمور به، قال تعالى: اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ [آل عمران:102]، وقال: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا [آل عمران:103]، وقال عليه الصلاة والسلام: (فعليكم بسنتي) أما إرضاء الناس فهو غير مقدور؛ لأن الفرقة أمر كوني قدري كسائر الشرور التي خلقها الله سبحانه وتعالى ولا يرضاها، يقول تبارك وتعالى: وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ [هود:118-119] إذاً: الافتراق سنة كونية. وجاء في وصف النبي عليه السلام في التوراة (ومحمد فرق بين الناس).
المراد بالأمة في حديث الافتراق
قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم (وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة) لا يمكن أن يقال: إن (أمتي) هنا هي أمة الدعوة، فأمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم على قسمين: أمة الدعوة التي يوجه إليها الدعوة إلى الإسلام، ويدخل فيها اليهود والنصارى، وكل من على وجه الأرض من يوم بعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، فهذه كلها أمة محمد بمعنى أنها أمة الدعوة، فمن أجابه ودخل في الإسلام فهو من أمة الإجابة. وأمة الإجابة تنقسم إلى فريقين: الفرق النارية وأهل السنة والجماعة، فالفرق النارية التي توعدها النبي عليه الصلاة والسلام بالهلاك في النار، والفرقة الناجية هي فرقة واحدة وهي: أهل السنة والجماعة.
المقصود بافتراق الأمة
الافتراق هنا هو الافتراق في أصول الدين، وليس في فروع الدين، إلا إذا تكاثرت المخالفات في الفروع حتى ترتب عليها من هجر الأدلة ما يترتب على الأصل المتبع الذي يتحاكم إليه. إذاً: قوله صلى الله عليه وسلم: (تفترق أمتي) المراد الافتراق على أساس أصول الدين، وهذا ملاحظ، فالخوارج والشيعة والقدرية والجهمية والجبرية والمرجئة كل هذه الفرق الضالة إنما خالفت في الأصول أساساً.
لا يقطع لمن انتمى إلى السنة بجنة ولا نار
هنا تنبيه مهم جداً وهو: أننا حين نقول: إن أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية وأهل الجنة، فهذا من حيث الأنواع لا من حيث الأعيان. فإنه لا يقطع لمن ينتمي إلى أهل السنة والجماعة بالجنة إلا إذا دل عليه الوحي، وكذلك لا يقطع لمن خالفهم أنه في النار إلا إذا دل الوحي على ذلك، فنحن نتناول هنا الأنواع وليس الأعيان. فباختصار: هذا هو المعنى الكامن وراء تسمية أهل السنة والجماعة بالفرقة الناجية، فحري بالمسلم العاقل ألا يهدأ له بال، ولا يكتحل بنوم، ولا يهنأ بطعام ولا شراب، حتى يتيقن أنه من هذه الفرقة الناجية.